31 - 05 - 2025

عجايب غراب أبيض | الفنان حلمي التوني صحفيا

عجايب غراب أبيض | الفنان حلمي التوني صحفيا

زرت الفنان الصحفي حلمي التوني في المستشفى رمضان الماضي، إثر عملية جراحية صعبة في العمود الفقري. حملت باقة ورد زاهية الألوان إلى غرفة بلا لون، ومعها بطاقة كلمات عن البهجة التي منحها لي، ولأجيال من الأطفال والكبار.

  وكان معه حديث  ممتع عن ذكرياته مع صحافة القاهرة وبيروت. وضحك وكأنه يغلق الحساب، وينهى فاتورة المعاناة والألم مع مواقف بائسة مؤلمة للسلطة في المجتمع والمؤسسات الصحفية.

اتصلت بنقيب الصحفيين، وأعطيته الهاتف، على أمل اهتمام وتقدير يليقان بأحد أعمدة فن الإخراج و الرسم في صحافة مصر والعرب لنحو60 عاما. انتهت المكالمة، فقال لي إنه والحمد لله لا يحتاج مساعدة في علاج، على الرغم من نفقاته الباهظة وأعباء المستشفى التي اتضح أنها خارج تعاقدات النقابة. 

وبعد أيام معدودة عاد إلى منزله، فأصيب على الفور بعارض طبي إضافي، وفي ساعات الإفطار والغروب، يستلزم الاستنجاد بطبيب يزوره بسرعة، فاتصلت بعضو مجلس النقابة المسؤول عن علاج الصحفيين. وفي الحالتين أعطيت النقيب والعضو أرقام الاتصال بالأستاذ حلمي ومرافقه.
فهل اهتم أحد في مجلس النقابة بمتابعة حالته؟ ولو حتى بالسؤال والتمنيات الطيبات.وأين كانوا من تكريمه بما يليق؟ أم تظل  التكريمات بالعناوين العريضة والصور الكبيرة، إلا فيما ندر، محجوزة للطيعين المطيعين المنافقين المعينين بمناصب الصحافة من سلطة السياسة والأمن والبزنيس، وممن ساموا زملاء سوء العذاب والتنكيل والاعتداء على الحقوق والحريات.

  بل وجرى إهدار فرصة تسجيل مطول مع الأستاذ بالفيديو عن مسيرته في الصحافة والحياة والفن.ومع إنني طلبت مرارا بتكريم يليق بشيوخ الصحفيين المستقلين، وبذكرى من رحل منهم، والإسراع بتسجيل ذكريات من على قيد الحياة. لكن لا أحد من النقباء وأعضاء مجالس الصحفيين لليوم يهتم؟ وكأننا حتى في النقابات المهنية إزاء سلطة تشابه حكومات الاستبداد غير المنتخبة، التي تحتقر من هم خارج دوائر نفوذها و"هيلمانها". يخاطبها "المواطن غير المهم" فلا تجيب ولاتستجيب.

ومع هذا، سنظل ندعو الخالق الجبار على كل متجبر ألا يجعلنا من أصحاب المناصب "إياها"، وكما كان حلمي التوني رحمه الله.

وعجايب!
---------------------------
بقلم: كارم يحيى

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | ظاهرة الكراسي المقلوبة